الحركات الإعرابية التي وضع أسسها أبو الأسود الدؤلي
كانت على شكل نقاط ، ولكي لا تختلط مع نقط إعجام يحيى
بن يعمر جعلت بألوان مختلف بعضها عن بعض ، وهذه
المنهجية فيها كثير من المعوقات والصعوبات فالقارئ يجد
صعوبة في التمييز بين هذه النقاط ومعرفة دلالتـها بحسب
اختلاف أمكنتها ، وسرعان ما يخطئ القارئ في القراءة
لتزحزح تلك النقاط عن أماكنـها ولو قليلا ، أما على
مستوى الكتابة فحدث ولا حرج فالمداد الملون وتنقيط
النقاط بألوان مختلفة والتفريق بين الأماكن مع ضيق
المسافة بين الأحرف يجعل التنقيط وضبطه عملية صعبة
للغاية ( 1 ) ، وعلى أيٍ فهذه حال الخطوة الأولى في
طريق الإبداع ، ولهذا انبرى لمهمة تتميم عمل الشيعيين
الهمامين ، أحد الشيعة الخلص فتمم المسيرة وأتقنها ،
حتى اكتفى الناس إلى يومنا هذا بفعله وابتكاره ، وكان
حرصه منصبًّا على القرآن وشكله المرموق وأداء تلك
النصوص الكريمة بلا عسر على القرّاء أو اشتباه للكتبة
، فابتدع الضمة والفتحة والكسرة والشدة وابتدع الشكل
الأنيق للهمزة ، وزاد خدمة لقرّاء القرآن بوضع الروم
والإشمام وغيرها ، وهو الخليل بن أحمد الفراهيدي رحمه
الله تعالى .
الفراهيدي هو أوّل من صنّف نقط أبو الأسود الدؤلي وذكر
علله وأول من وضع الروْم والإشمام وابتدع الشكل
المتعارف من حركات الإعراب – الضمة والكسرة والفتحة
والشدة والسكون